جعفر بن أبي طالب، أبو عبد الله، ابن عم رسـول الله صلى الله عليه وسلم، أخو علي بن أبي طالب، وأكبر منه بعشر سنين، أسلم في بدايات الدعوة، قبل دخول النبـي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وأسلمـت معه في نفس اليوم زوجته الصحابية أسماء بنت عميـس.
ولقيا نصيبهما من الأذى والاضطهاد في شجاعة وثبات، ولما أذن الرسـول صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى الحبشـة خرج جعفر وزوجتـه إلى الحبشة ولبثا فيها سنين عدة، وكان جعفر أمير المهاجرين إلى الحبشة.
ولكن.. هل ستسكت قريش عن هذا؟
لما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة، قرروا أن يبعثوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص محملين بالهدايا للنجاشي وبطارقته علّه يُخرج المسلمين من دياره.
فقال النجاشي لا أسلم قوماً نزلوا بأرضي حتى أسأل عن أمرهم، وأرسل النجاشي العادل إلى المسلمين وسألهم عن أمرهم.
فتكلم جعفر بن أبي طالب بين بين يدي النجاشي وكان مما قاله:
أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده.
......
فقال النجاشي: هل معك مما جاء به الله من شئ، فقال له جعفر:
نعم، وقرأ عليه من صدر سورة مريم، فبكى النجاشي وبكت أساقفته، ثم قال النجاشي لعبد الله بن ربيعة وعمر بن العاص:
إن ماقاله جعفر والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة! انطلقا .. فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يُكادون.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لجعفر: أشبهتَ خَلقي وخُلُقي ... وكان يُسميه أبا المساكين لجوده وإنفاقه في وجوه الخير.
......
ذو الجناحين:
في العام الثامن من الهجرة، أرسل النبي جيشًا إلى الشام لقتال الروم، وجعل الرسول زيد بن حارثة أميرًا على الجيش، وقال: عليكم بزيد بن حارثة، فإن أصيب زيد، فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر، فعبد الله بن رواحة، ودارت معركة رهيبة بين الفريقين، وقتل زيد بن حارثة، فأخذ الراية جعفر، وظل يقاتل حتى قطعت يمينه، فحمل الراية بشماله فقطعت هي الأخرى، فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد. ولقّب بذي الجناحين، وعندما استشهد قال رسول الله صلى الله عليهِ وسلّم لأصحابه:
استغفروا لأخيكم جعفر، فإنّه شهيد، وقد دخل الجنة وهو يطير بجناحين من ياقوت.
ارجو ان ينال اعجابكم الموضوع